Monday, July 5, 2010

رحيل اية اللة محمد حسين فضل اللة



يعتبر آية الله العظمى السيد محمد حسين فضل الله، الذي توفي الأحد 4-7-2010، عن 75 عاماً، من المراجع الشيعية البارزة في العالم العربي، وله أتباع في لبنان وخارجه.


وقال عنه وزير الصحة اللبناني محمد جواد خليفة إثر إعلان نبأ وفاته "لقد جسّد السيد فضل الله التحرر والسير إلى الإمام ومجاراة العلم والتطور مع مراعاة الثوابت".


وأصيب فضل الله خلال الأشهر الأخيرة بسلسلة أزمات صحية أدخلته المستشفى، إلا أنه كان يتخطاها في كل مرة، إلى أن أدخل مستشفى بهمن في الضاحية الجنوبية لبيروت قبل أكثر من أسبوع في مراجعة عادية. وأصيب فجر الجمعة بنزيف داخلي تسبب بوفاته صباح الأحد.


لعب فضل الله دوراً سياسياً بارزاً في الثمانيات بعد نشوء حزب الله كقوة عسكرية ثم سياسية، توسع نفوذها تدريجاً وسط الطائفة الشيعية، لتصبح الممثل الأبرز للشيعة في لبنان.


وكان ينظر إليه على أنه "المرشد الروحي" لحزب الله، وكان من أشد المؤمنين بـ"المقاومة والجهاد" في مواجهة إسرائيل. وبقي كذلك حتى اللحظة الأخيرة من حياته. كما أنه كان من أنصار تأسيس الجمهورية الإسلامية على يد الإمام الخميني.


لكن فضل الله ابن النجف ومؤمن بمرجعيتها، فيما حزب الله متمسك بمرجعية قم في الجمهورية الإسلامية الإيرانية وتدخل "ولاية الفقيه" في صلب عقيدته. فحصل مع الوقت تباعد بين الجانبين نتيجة تباينات سياسية وعقائدية.


إلا أن فضل الله بقي، منذ ذلك الوقت، على اللائحة الأمريكية للإرهابيين العالميين، واتهمته الولايات المتحدة في الماضي بالتورط في خطف الرهائن الأجانب في لبنان خلال الحرب الأهلية (1975-1990). وبحسب مصادر أخرى، كان يلعب دور "الوسيط" في قضايا الرهائن.


تعرض فضل الله خلال هذه الحرب لمحاولات اغتيال عدة، إحداها في 1985 في الضاحية الجنوبية بواسطة عملية تفجير قضى فيها ثمانون شخصاً.


وقد شرّع العلامة الشيعي "العمليات الاستشهادية في لبنان لدحر الاحتلال الصهيوني، وفي فلسطين لإسقاط الأمن الصهيوني". ودعا في المقابل "إلى مقارعة الاحتلال الأمريكي في العراق وفق ما تسمح به الظروف الموضوعية".





مرجعية مستقلة بذاتها
ويقول المؤرخ الأب أنطوان ضو، الأمين العام للجنة الحوار الإسلامي المسيحي في لبنان، إن العلامة فضل الله كان "مرجعية مستقلة قائمة بحد ذاتها. له اجتهادات خاصة وهو مميز عن غيره من المرجعيات بانفتاحه".


وأشار ضو، الذي كانت له جلسات حوارية عدة مع فضل الله حول الحوار الإسلامي المسيحي، أن المرجع الشيعي "كان يرى أن العلاقات المسيحية الإسلامية في لبنان تستند إلى أسس لاهوتية وفقهية وليس فقط اجتماعية".


كما كان مؤمناً بإقامة الدولة الإسلامية في يوم من الأيام، لكنه كان مقتنعاً بأن الأمر غير ممكن في المرحلة الراهنة في لبنان. وهو يلتقي في ذلك مع نظرة حزب الله المعلنة.


ولد محمد حسين فضل الله في تشرين الثاني (نوفمبر) 1935 في النجف بالعراق الذي كان والده آية الله عبد الرؤوف فضل الله هاجر إليه لتلقي العلوم الدينية.


وبدأ دراسته للعلوم الدينية في سن مبكرة جداً، وتتلمذ على أيدي كبار أساتذة الحوزة آنذاك وأبرزهم المرجعان أبو القاسم الخوئي ومحسن الحكيم. ثم تحول إلى أستاذ للفقه والأصول في الحوزة العلمية الكبرى في النجف.


عاد إلى لبنان العام 1966، فأسس حوزة "المعهد الشرعي الإسلامي" الذي تخرج منه كثير من العلماء البارزين.




الدعوة للوحدة الإسلامية
وعلى مدى أكثر من أربعين عاماً، شكل فضل الله مرجعية بارزة في المذهب الشيعي، وله أتباع في لبنان وخارجه، وكان من أبرز الداعين إلى "الوحدة الإسلامية".


وينقل عن المرجع الشيعي العراقي الراحل محمد باقر الصدر قوله لدى عودة فضل الله إلى لبنان "كل من خرج من النجف خسر النجف إلا السيد فضل الله، فعندما خرج من النجف خسره النجف".


واهتم فضل الله كذلك بالشأن الاجتماعي والإنساني، وهناك عدد من الجمعيات الخيرية التابعة له، ومنها مبرات الأيتام المنتشرة في مناطق عدة والتي تحتضن حالياً أكثر من 3300 يتيم ويتيمة.


وكان أيضاً مرجعية قضائية شرعية يرجع إليه المتنازعون في مجالات مختلفة، خصوصاً في ما يتعلق بالحياة الزوجية.


تميز العلامة فضل الله بالجرأة في طرح نظرياته الفقهية وبانفتاح على التطور العلمي وعلى تفسير الإسلام. وقد أفتى باعتماد علم الفلك والأرصاد في إثبات بدء شهر رمضان وانتهاءه، في وقت لا تزال المرجعيات الدينية الإسلامية في العالم تلتمس رؤية القمر بالعين المجردة لإثبات ذلك.


كما أفتى بتحريم "جرائم الشرف" وتحريم ختان الإناث، معتبراً أنه "ليس لأولياء الأمر القيام بما ليس فيه مصلحة المرأة"، وأن "ختان النساء ليس من السنن الإسلامية". وشرع فضل الله للمرأة الحق في استخدام القوة للدفاع عن نفسها إذا أراد زوجها أو شقيقها التعرض لها بالضرب.


من مؤلفاته "أسلوب الدعوة في القرآن"، و"الإسلام ومنطق القوة"، و"فقه الشريعة" الذي يضم آراءه الفقهية الكاملة ليسترشد بها مقلدوه.


Image and video hosting by TinyPic

0 comments:

Post a Comment