حرب جديدة على لبنان"، بهذه العبارة استهل الكاتب والخبير الإسرائيلي "أمير أورين" مقاله في صحيفة "هاآرتس"، محاولاً رسم سيناريوهات المستقبل على الجبهة الشمالية التي يتوقع بشأنها بعض الباحثين حربًا وشيكة قد تدخل المنطقة في اضطرابات كبيرة، ويعرض الكاتب في هذا السياق مذكرة الباحث في مجلس العلاقات الخارجية الأميركية "دانيال كورتز" التي يتنبأ فيها بحرب يطلقها إما "حزب الله"، أو تبادر بها إسرائيل، ويقدم الكاتب مجموعة من الخطوات لتجنب هذه التداعيات، مثل فتح قنوات اتصال مباشر بين الدبلوماسية الأميركية والأطراف المعنية بتفعيل دور السفراء الأميركيين في كل من بيروت وتل أبيب ودمشق، فضلاً عن الضغط على إسرائيل في حال اندلاع الحرب للموافقة على وقف سريع لإطلاق النار، لا سيما في حالة تعرض لبنان لخسائر فادحة جراء القصف الصاروخي والحملات الجوية التي يشنها الطيران الإسرائيلي، فضلاً عن استخدام الإدارة الأميركية ورقة مجلس الأمن لاستصدار قرار يقضي بوقف الأعمال العدائية، وبدلاً من ضرب أهداف غير عسكرية مثل البنى التحتية والمنشآت الحكومية يقترح الباحث في المركز الأميركي ضغط واشنطن على إسرائيل لقصر هجماتها على بطاريات الصواريخ سواء في سوريا، أو لبنان وممارسة النفوذ الأميركي على الجيش الإسرائيلي لعدم التوسع في تحقيق أهدافه من خلال التهديد بوقف المساعدات الأميركية.
وجاءت هذه المقترحات التي يعرضها المعلق الإسرائيلي في إطار الاضطرابات التي تشهدها الساحة اللبنانية مع قرب صدور قرار المحكمة الخاصة باغتيال رفيق الحريري واحتمال لجوء أحد الأطراف إلى لغة الحرب لخلط الأوراق في المنطقة وتفجير الوضع.
تأخير المفاوضات
أمَّا صحيفة "ها آرتس"، ثالث أوسع الصحف العبرية انتشارًا في إسرائيل، فقد أفردت مساحة كبيرة على صفحاتها لقرار لجنة متابعة المبادرة العربية بدعم استئناف المفاوضات المباشرة بين رئيس السلطة الفلسطينية، محمود عباس، وإسرائيل، واعتبرتها خطوة مهمة لتجديد المباحثات الممهدة لقيام دولة فلسطينية، لكن الجامعة العربية امتنعت عن تحديد موعد معين لاستئناف المفاوضات المباشرة تاركة العملية إلى محمود عباس الذي تدعوه الصحيفة إلى الإسراع في بدء المفاوضات وعدم تأخيرها لفترة أطول.
ووصفت الصحيفة العبرية التأخير عن البدء في المفاوضات المباشرة بأنه سيكون وبالاً على الفلسطينيين وعملية السلام برمتها، وسيؤدي إلى تأبيد الوضع الحالي في الأراضي الفلسطينية وتكريس حالة الانتظار دون طائل، وقد أشارت الصحيفة أيضًا إلى الضغوط التي مارسها الرئيس الأميركي، على السلطة الفلسطينية للقبول بالعودة إلى طاولة المفاوضات مع استبعاد ضغط الإدارة الأميركية على نتنياهو وفرضها عليه حل الدولتين قبل التفاوض، غير أن النجاح الذي حققه نتنياهو بعد حملة دبلوماسية مكثفة لدى الأميركيين والأوروبيين وزيارته إلى كل من مصر والأردن تضعه وجهًا لوجه أمام استحقاقات السلام، إذ يتعين عليه إثبات جديته في مواصلة السلام والتوصل إلى اتفاق لأن استئناف التفاوض ليس الهدف منه الحوار من أجل الحوار، بل إبرام اتفاق مع الفلسطينيين.
وفي هذا الإطار تشدد الصحيفة على ضرورة مواجهة نتنياهو لتحالفه اليميني، ووضعهم أمام الصورة، مشيرة إلى التصريحات غير الموفقة التي أدلى بها عقب لقائه بوزير الخارجية الإسباني والتي قال فيها إن تمديد تجميد الاستيطان في الضفة الغربية سيكون بمثابة انتحار سياسي.
ركائز الثورة الإيرانية.. تهتز
ومن جانبها لفتت صحيفة "يديعوت أحرنوت"، أولى أوسع الصحف العبرية انتشارًا في إسرائيل، الانتباه إلى المشكلات الداخلية التي تواجهها الجمهورية الإسلامية الإيرانية، واستند الكاتب الإسرائيلي "ياريف كاتس" في مقاله بالصحيفة في تحليله إلى اهتزاز المقومات الأربعة التي قامت عليها الثورة الإيرانية في عام 1979 كما اتضح ذلك أثناء الاضطرابات التي أعقبت الانتخابات الرئاسية وما شابها من تجاوزات، فضلاً عن العقوبات الأخيرة التي استهدفت قطاعي النفط والغاز.
هذه المقومات التي أجملها الكاتب الإسرائيلي في الطلبة الذين لعبوا دورًا كبيرًا في إطلاق الثورة الإيرانية، وكانوا وقودها في السنوات الأولى، ابتعدوا عن النظام اليوم بعد التضييق على أنشطتهم، وهناك التجار الذين وقفوا إلى جانب الثورة ومدوها بالموارد المالية، وهم اليوم يعانون من تداعيات العقوبات وصعوبة التعامل مع البنوك والحصول على القروض، ثم يأتي بعدهم في قائمة مكونات النظام سكان المدن الكبرى الذين ساندوا الثورة في الماضي شكلوا عصب الاحتجاجات الكبرى التي اجتاحت المدن الكبرى بعد الانتخابات الرئاسية، وأخيرًا تأتي طبقة رجال الدين التي بدأت تصدر آراء جريئة تعبر صراحة عن استيائها من النظام وانحيازها بشكل واضح في الانتخابات الرئاسية الأخيرة إلى صفوف المعارضة.

0 comments:
Post a Comment