Wednesday, November 12, 2008

ايم حمرة الخجل العربى ،،،،،بقلم ايمن اللبدى

قاعدة الانتباه العربي الدائمة، منذ قرن ويزيد نحو أية موضوعة عربية خاصة، فيها من جنس مستويات التميّز، أو الإنتاج النوعي اللافت ثقافياً وأدبياً وفنياً وحتى اجتماعياً، هي دوما "سماع الصدى" والعزوف عن أفضلية " سماع الصوت" التي يهبها الله كالحلاوة لمن ليس له أسنان.!
الله لطيف خبير بعباده، وهو إذ يهب النعمة السمعية والبصرية مع غيرها من النعم، لا يسيّر الإنسان "جبراً" لاستخدامها على النحو الأمثل والمحقق لأقصى الفوائد والمنافع بها، ولا يرسل كتالوج معها لطريقة الاستخدام اللهمّ إلا أن يلهم أو يهدي إلى الحق بعضاً من عباده.
والكتالوج هذا أو الدليل التشغيلي، ينطبع في موضع خاص تماماً بعيداً عن هذه الأدوات السمعية والبصرية واللمسية، حيث موضعه الوجدان والقلب والروح، هنالك يتشكّل من تفاعل هذه جميعاً ليصمّم على نحو خاص به وبكل إنسان ملكة البصيرة، وخاصة الفراسة والمعرفة، ولعمري إنها لا تعمى الأبصار، ولكن تلكم التي في الصدور.
العرب منذ أمد بعيد، سمعوا باختراعات الغرب المتعددة، وليس آخرها هذه الأيام ما سيقلب علوم الدنيا كلها، وأستعير هذه المعلومة من بحث حرمنا المصون لرسالة الدكتوراة الخاص بها، وهي في مضمار علوم "النانو" وما أدريك ما النانو، وما أدراك ما آفاقه المقبلة!، وحينما سمعوا بهذا جلّه آثروا على اعتبار أن الله أنعم عليهم بالثروات النفطية وهم يشترون بحرِّ مالهم القادم من خيرات "تنفيط" عظام الأجداد، هذه التقنيات فلم يشغلون أنفسهم بها؟!
المهم أن العميان والعمى، والغثيان كذلك له أسباب كثيرة، هذه واحدة منها، بيد أن في الأسباب ما هو عمى المهزوم، وضعف الثقة في النفس، وخوار الذي بعدت عليه الشقّة، وعند بني العربان، أبواب العمى أكثر من أبواب البصيرة، ولهذا فبعضها نفسي، وبعضها اجتماعي، وبعضها سياسي، وبعضها اقتصادي، وبعضها خلقي، بحيث نحتاج تصنيفا جديدا في علوم الاجتماع لبحث هذا العمى وأسبابه.
في هذا العمى المميز، أنك لا تجد فضائيات ولا صحف العرب، ولا منتدياتهم أو اتحاداتهم، فضلا عن المنابر الخاصة، يعني قطاع خاص، أو حتى التي تلكم في عهدة القطاع العام، بملتفتة طرفة عين، لنتاج ما مهما خف وزنه أو ثقل أثره، إلا بعد أن يأتيها خبره منقولا من مصدر أجنبي، ولا يهم في الأجنبية أن يكون بحروف الآه أو الإيه، المهم أن يكون أجنبياً!
طبعا هنالك في هذه المسألة " تفتيح عيون " وقواعد ذهبية، فاللغة التي تتبع صديقنا "شكسبير"، تأتي أمام تلكم التي تتبع صاحبنا "فولتير"، وبعد هذه مجال للترتيب من العم "نيتشه" وحتى "طاغور، ولا يستهترنَّ أحدهم بطاغور، أو حتى لغة العاصمة كاتماندو في مملكة نيبال العجيبة، فهي كلها قبلة وهي قبلة عن حق، - لم أستخدم قبلات حتى لا تضلّوا-، وفيها من النتاج التأثيري، أو ذلكم المسمى "الباسف امباكت" passive impactأو الساحب السلبي للبصيرة العربية أمثال وأمثال، فهي لا شك لديها نتاج مميز وثقافات مميزة في كل مضمار، ولا شك أن التبادل الثقافي أساس التناغم والحياة البشرية، لكن هذا شيء، والارتهان للصدى شيء آخر، وأن لا نؤمن بأهمية كاتب عربي أو عمل عربي، إلا بعد أن تصدر له رخصة انتباه، فنقوم بالتطبيل والتزمير للصدى لاحقا ولعمري هذا هو شيء الأشياء.
أن.أختلف مع ذلكم الذي قال: لا كرامة لنبي في وطنه، وأختلف مع صاحبي المتنبي وقد أفرد نفسه غريباً، كصالح بثمود، فالمسألة مع التطور المذهل للبشرية هناك، والتخلف المضني للبشرية هنا، أصبحت ليس اغتراباً، فالاغتراب حالة تتبع الانتباه، وحالة تتبع الإدراك، وحالة تتبع الوعي بقيمة ما هو فارق بين ما لدى القوم، وما لدى هذا القادم يسوق بين يديه شيئا من قول أو عمل، المسألة يا سادة هذه الأيام في شرقنا العربي، لا انتباه لنابت في أرضنا، إلا إن جاءته كاميرا "السي .أن .أن"أو " البي .بي .سي" ، ونقطة!
الذين انتبهوا إلى قيمة مسلسل الاجتياح اليوم، والذين طفقوا يوزعون أخبار ما يجد من أثر في نيويورك وعواصم العالم، لا أعتقد أنهم وجدوا في هذا شيئا مخجلاً، خاصة تلكم المبثّات " اشتقاقي للإذاعات والفضائيات وما يرسل في الفضاء" – التي قاطعت هذا أثناء عرضه، ولم تتناول صديقنا الماجري ولا صديقنا عباس النوري بكلمة، لا قبل ولا بعد، اليوم لا يجدون غضاضة أن يتابعوا ما يصل من صدى الصوت، كتبت في حلقات نصف دورة في العدد السابع عن هذا المسلسل، تحت عنوان "اجتياح الاجتياح" في الحقائق الثقافية وفي حيقا لنا، وسبق أن وجّهت شكري لهذا الفريق الرائع، وسبق أن وجّهت لمن غطى الآذان والعيون عن السمع والبصر، وخزة علّها تشفع، لكنها احتاجت أكثر من عام، ولم تشفع بتاتاً، بل جاءت العملية ترجمة خطية لقصة الصدى وسماعه، ولذلك فاليوم صار الذنب ذنبينيا سادة يا محترمون، بعد أن اجتحتموه يوماً، ها أنتم اليوم تطالبون بنسبته العربية، وكأنه لقيط في المهجر، أولم يكن بين أيديكم قبل العمة "إيمي" واخواتها، وقبل "السي" ومشتقاتها؟ يا لكم من اختراع عجيب، اسمه "انتي خجل" أو كما تحبونها أعجمية "أنتي شاي " – ليس الشاي ولا بابوري رايح- ، طبعا هذا اسم الكتالوج، والترجمة ، " مضادات الخجل " العربية !

0 comments:

Post a Comment