Sunday, March 9, 2008

الخنوع اللازم لتسوية القضية الصاروخية ،،،،،بقلم دورون روزنبلوم (هآرتس


ان وجد الحل لاطلاق الصواريخ من قطاع غزة - الذي سيتبين في وقت لاحق كالعادة انه امر بديهي قد اخروه بلا داع - ربما سنجد صعوبة في ادراك شدة ابعاد المعضلة التي واجهناها في مطلع عام 2008.



ولكن هذه نبوءة بالآخرة: في الوقت الحالي يبدو حل مشكلة غزة والقسام غامضاً ولغزا كبيراً ومراوغا ومعقداً، وعدد الحلول المطروحة لهذا اللغز كبير جداً ويائس لدرجة يبدو فيها اننا امام صورة عسكرية محلية ل العبارة الاخيرة في البراما ذلك البرهان الرياضي الذي تطلب حله اكثر من 350 عاماً.
في غضون ذلك وفقاً للوضع الحالي لا يبدو ان الامر عندنا سيستغرق أقل من ذلك. ذلك لان ما لم يقترح حتي الان بايقاف اطلاق صواريخ القسام هو قليل بينما عندنا فيضٌ من الاقتراحات. ليس هناك اقتراح حل لم يطرح علي الطاولة ولم يقابل بالرد الخالد الابدي: مقابل اقتراح ان نفقد صوابنا ونطلق بصورة عمياء نحو احدي المناطق الاكثر اكتظاظاً في العالم يطرح الادعاء المقابل اننا سنفقد الحرب الاعلامية الاهم في أيامنا هذه من الانتصار المادي. مقابل اقتراح احتلالنا لغزة يقولون، ان الدولة التي تظهر مثل هذا الاستخفاف بالارواح ستجد صعوبة في احتواء مئات الجرحي والضحايا الذين سيسقطون في حرب هجومية ذات نتائج غير مضمونة.
ومقابل اقتراح تصفية كل قيادة حماس يقولون اننا سنفقد بذلك آخر فرصة لاية تسوية اثر فوضي العصابات التي ستسود في غزة بعد تصفية القيادة. وبالنسبة لاقتراح التفاوض مع حماس يقولون ان ذلك سيسحب البساط من تحت اقدام السلطة الفلسطينية. كذلك الحال مع اقتراح ضبط النفس من اجل ايقاف دائرة التصعيد، يقولون ان الامر سيفسر كضعف علي المدي الابعد ويفرط بحياة مواطني الدولة ويفقدنا ذريعة وجودنا كدولة سيادية.
من المحتمل ان سؤال ما العمل لم يكن ليطرح في هذه الورطة المعقدة لولا الاحجية الموجودة في نواتها: لماذا يطلقون الصواريخ اصلاً ومن المنطقة التي قد انسحبنا منها؟.
عدا عن القول لأنهم يستطيعون - لا يوجد لذلك اي تفسير مريح من الناحية المنطقية العسكرية والسياسية الاعتيادية. هذه الصعوبة نجحت في ارباك التمايز التقليدي القائم بين اليسار واليمين بكل ادعاءاتة ( احتلال والحاق مقابل مفاوضات واتفاق ) الذي وفر علي الاقل عزاء وراحة بسبب التعود عليه.
ولكن هناك عادات وتقاليد يصعب تغيرها. ايضاً في مواجهة قضية غزة والصواريخ، تقف اسرائيل الرسمية مع اسلحتها التي بهتت والتي تبرهن فشلها مرة تلو الاخري: الرد البافلوفي ، العقاب التربوي، البحث التحليلي مع المصباح وراء العدالة في وسائل الاعلام العالمية والتأرجح بين قطب الرد المفرط وبين قطب الابتلاع وضبط النفس.
من خلف هذه المناهج والتوجهات يوجد تفكير ثابت ويائس ومرهق يمكن استخلاصه بعبارة كل شيء - او لا شيء أو امنٌ شامل - او عملية متدحرجة او هدوء مطلق - او حرب لا هوادة فيها او الاعتراف بمطالبنا - ليس هناك من نتفاوض معه .
فقط من منطلق التشوية الفكري صدر قرار الحكومة بتوجيه الاوامر في هذا الاسبوع للجيش بايقاف اطلاق الصواريخ مطلقا علي اسرائيل هكذا مطلقا!
وكأن الجيش الاسرائيلي قد نجح وحده حتي الان في تخفيض اطلاق النار. من توقع اقتراح حل سريع وحاسم هنا ولو حتي من اجل طرح ادعاء مضاد له سيشعر بخيبة الامل بالتأكيد. ولكن من الممكن علي الاقل اقتراح توسيع دائرة البحث: ربما يوجد الحل في مكان ما هناك بين قطب القسوة والغلظة وبين قطب الظهور بمظهر الضحية اللذين نتأرجح فيما بينهما بصورة متطرفة من دون صبر وتسامح بصدد كل ما بينهما.
رئيس الحكومة ليفي اشكول هو الذي كان قد اقترح في حينه بين الجد والضحك هذه الطريقة الوسطية التي تحافظ علي قوتنا وفي نفس الوقت لا تفقدنا صورتنا الانسانية. ولكن شمشون المسكين رفض بسخرية من الناحية الرسمية. كل هذا رغم انه ان كان هناك حل فهو موجود في اخر الطريق الذي لا توجد فيه امور مطلقة او ضربات خاطفة وانما امور وسطية. اطلاق النار وفي نفس الوقت تلمس الطريق للتفاوض. هناك تسويات ومخاطرات يمكن ان تمتزج معا بتركيز مدروس وهذا هو المكان المناسب الذي وجدت فيه الحلول للمعضلات علي الدوام الطريق الوسط الذي يثير الاعصاب والذي يفتقد للكمال وللمجد والفخار، الطريق الاوسط.



0 comments:

Post a Comment